أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

187 - قلعه الحسا بالاردن

تعتبر قلعة الحسا في الاردن صورة من البناء المعماري والصحراوي البسيط والانيق نظراً لامتدادها على نحو افقي وتقع القلعة الى الشمال من مدينة الطفيلة جنوب الاردن ويمكن الوصول اليها عبر طريق معبد وآخر ترابي تغلب عليه الصفة الصحراوية ويمكن مشاهدة اطلال القلعة على بعد ثلاثة كيلو مترات من منتصف هذه الطريق المارة من خلال وادي الحسا باتجاه الشرق وتعد القلعة من المحطات المهمة منذ القدم على طريق البر الشامي فيها اماكن للنوم والطعام والراحة ومستودعات منظمة للبضاعة واخرى للحيوانات ومكان للماء في بئر حفرت وسط المكان بالاضافة الى بركة خارجية تتصل بالقلعة من الداخل عبر قناة حجرية مغطاة بشبائح حجرية منتظمة بعضها ظاهر والاخر مخفي نتيجة العوامل الطبيعية التي دثرت معظم اجزاء القناة ورغم اختلاف المؤرخين حول تاريخ البناء الا ان لويس موزيل العالم النمساوي تحدث عن هذا الموقع سنة 1907 حيث عثر على نقش كتب عليه “يا حسنة لله معبد بناه للنقوش وشيد ملك يسمى المصطفى سلطاننا من نسل احمد” ابن طولون ذكر ان القلعة تمثل احد المراكز الجمركية للجباية وقد كانت منزلاً للمسافرين والتجار وموظفي المكان ويشير الى ان نائب دمشق خرج سنة 910ه لاستقبال الحجاج اذ يمكن القول ان هذا المكان القائم كان نشيطاً قبل مجيء السلطان مصطفى الثالث المكان استخدم في فترات لاحقة زمن الاتراك كمكان للاستراحة وقت الحج وبنيت الجسور على وادي الحسا والتي لا تزال اثارها قائمة حتى الان بالاضافة الى الطريق المرصوف بالحجارة التي تمر خلال وادي الحسا لتسهيل مهمة التنقل وخصوصاً في فترة الشتاء وتتخذ القلعة شكلاً مربعاً بطول 23 وبعرض 22 تقريباً بارتفاعات مختلفة قد تصل في بعض اجزائها الى ثمانية امتار وتزيد في اجزاء اخرى الا ان الواجهة الشمالية للقلعة ازيلت كلياً خلال الستينات من القرن الماضي نتيجة اعمال العبث والتخريب والبحث عن الدفائن حيث تظهر البوابة في الجهة الشمالية واجزاء من الغرف التي تقع ضمن الطابق العلوي يتألف البناء من طابقين وبناء ثالث يتكون من اللبن الطيني لم يبق منه سوى شواهد صغيرة في الجهة الجنوبية من القلعة يوصل اليها عبر بوابة حجرية بيضاء تقع في الجهة الشمالية تؤدي الى معبر تعلو فيه نصف اسطوانة طولها اربعة امتار تنتهي بالصحن الداخلي ذي الشكل المربع والذي تبلغ مساحته 3.12 * 30.11 متر وتتوسده بئر ماء ذات فوهة مرتفعة عن مستوى ارض الفناء بسبع درجات وتلتف حوله اماكن التخزين وغرف وقاعات لخزن السلع وبعضها اماكن للنوم وفيها اقبية تمتد على طول الواجهة الجنوبية باشكال نصف برميلية يوصل اليها عبر بوابات صغيرة يصل ارتفاعها الى المترين بعرض متر واحد اما الطابق العلوي فيوجد فيه اماكن للعبادة مسجد متواضع بمحراب وحجرة مربعة وشرفتان بارزتان مزودتان بفتحات لمراقبة الطريق من الجهة الشمالية والوافدين من الجهة الجنوبية بالاضافة الى غرف تستخدم للراحة والنوم يبلغ عددها ست غرف ودرج صغير متواضع يؤدي الى الطابق الثالث يبدو انه بني من اللبن الطيني اضافة الى ثغرات او منافذ للسهام تنتشر في جميع اجزاء القلعة العلوية حيث يمكن الوصول اليها عبر درجات عددها اربع عشرة درجة من الجهتين الشرقية والغربية للفناء الداخلي للقلعة لقد تعرضت قلعة الحسا لاعمال التخريب المتتالية منذ زمن بعيد حيث تعرضت الواجهة الشمالية للهدم الكلي ولم يبق منها سوى القبة التي تعلو المدخل الرئيسي واستمرت اعمال التخريب في غياب الرقابة وفوضى البحث عن الدفائن من فترة لاخرى الى ان وصلت الى جميع اجزاء القلعة الخارجية والداخلية والتي اصبحت مجرد كومة من الحجارة والاتربة في حين ان سقوف الغرف قد سقطت بالكامل واجزاء من البوابات والاقبية وبعض من الحجارة التي كانت تستخدم للزينة “الجامات” بحيث ازيلت هذه من بعض الواجهات واخذت شكلاً اخر لا يليق بمثل هذا المكان التاريخي في الواجهتين الشرقية والغربية وقد بدأت اعمال ترميم القلعة منذ عام 1995 وبدأت تعود الى صورتها الاصلية وألقها المعماري لتكون محطة اساسية في رحلة السائح نحو الجنوب.